كشخص أدرك في لحظة ما أن كل الكلام اللي ممكن يتقال ع الفيسبوك خلص .. ويعني لو تقبلوا مني الكلمتين اللي بيطلعوا مني بطلوع الروح دول، حابب أقول أن "الليتوروجيا الأرثوذكسية" هي أثمن ما حدث لي خلال أعوام أزمتي الأخيرة الثلاث، ومن أهم مراحل انفتاحي على الأرثوذكسية ومسيرتي نحوها ... وبالرغم من الانعدام المزمن للانضباط …
كشخص أدرك في لحظة ما أن كل الكلام اللي ممكن يتقال ع الفيسبوك خلص .. ويعني لو تقبلوا مني الكلمتين اللي بيطلعوا مني بطلوع الروح دول، حابب أقول أن “الليتوروجيا الأرثوذكسية” هي أثمن ما حدث لي خلال أعوام أزمتي الأخيرة الثلاث، ومن أهم مراحل انفتاحي على الأرثوذكسية ومسيرتي نحوها … وبالرغم من الانعدام المزمن للانضباط اللي باعانيه عامة في حياتي -ومن ضمنه انضباطي الليتوروجي زي ما استنتجت كدا – إلا إني أعتبر الوقوف أمام الله في الكنيسة هي نعمة لم ولن استحقها يومًا وجات لي من غير ترتيب ولا توقع …
يمكن في شوية منكوا سمعوا الكام كلمة اللي رميتهم على ساوند كلاود بعنوان “ما الذي يجعلني أكون أرثوذكسيًا؟”، الكلمتين دول مش نتاج قراية ولا دش في كتب اللاهوت، دول ثمرة “القيام” في الكنيسة والحضور فيها … وآه أنا بقدر دا جدًا لدرجة إني باعتبر الأفعال دي (الوقوف والحضور في الكنيسة) أفعال ثمينة ونادرة جدًا يعني ممكن تقولي هو انت بس يا ابني اللي بتقف في الكنيسة؟!! ما كلنا بنقف في كنايس؟!!! … صحيح … لأن وقفة الكنيسة بالنسبة لك ممكن تكون أمر طبيعي وبديهي ومش محتاج شغلانة يعني وكلنا متربيين في كنايس!! ولكنه بالنسبة لي أمر غير روتيني وغير اعتيادي وحدث مهم ومش على نفس مستوى بقية أحداث الحياة حتى لو كان بيتكرر كل يوم …
ولأني اعتبر أفعال القيام والحضور الشخصي أمام الثالوث في الكنيسة هي حركات لقوى النفس ناحية ذاتها وناحية “معطي الحياة”، واعتبر الوقفة في الكنيسة موقف وجودي يتكثف فيه معنى خلقي من العدم أساسًا وهو الشخص في الله والتطلع للنور الإلهي، على طاقة نفسي وسعتها وشفاءها، وهو أمر قدر يجسد لي اللي كنت بقراه (وأشعر فيه حينما أقرأ) في كتب اللاهوت …
“إنها أثمن من العالم”، “لا يستطيع العالم أن يعطيها”، كلمات لم أدرك معانيها إلا لما اترميت في قدس الكنيسة الأرثوذكسية زي ما اترمى يونان للحياة مرة تانية من جوف اليم، ومن إنسان مُعلمَن بشكل تام، يشخص إلى امور العالم تلك التي منها حياته وإليها، إلى شخص ينفتح في جداراته نوافذ كثيرة -مرة أخرى – على الأبدية.
الوقفة البيولوجية دي تتحول إلى موقف وجودي يختصر كيانك ويكثفه، والـ”صوفيا أورثي” “إشليل” اللي بتتقال في الليتوروجيا تبقا زي “نداء الوجود” أو “النداء من أجل الوجود”، نحو الوجود … فعل خلقي الشخصي من العدم يُعاد لي مرة أخري ولكن المرة دي أثناء حضوري الواعي وفي واقع كياني البيولوجي وانا كبير كدا وعاقل ومدرك للي بيحصل مش زي فعل الخلق الأول اللي كنت فيه في حالة الغياب الأنطولوجي الكامل … يخلقني الله مرة اخرى بنداء الكنيسة مع كل ما “أحضر” به من قوى نفسي وأهواءها وتاريخها وتكويناتها … حركات القيام والحضور والنداء الليتوروجية هي حركات حقيقية متجاوزة للزمن، مش لأنه كليشيه بنردده ولا لأنها تحصل “خارج” الزمن، بل لأنها تتجدد كل مرة في خروج سافر على قوانين الزمن!! … لأنها حركات للوجود، للوجد، للفعل الإلهي … مش طقس أو روتين زي ما قاصري الإنسانية ومبتسري الإيمان بيرددوا …
وكل ليتوروجيا بقا مش زي التانية! في ليتوروجيا لرؤية النور، وليتورجيا للتواري، وليتوروجيا لتمثل عناصر الخليقة كلها وتأمل هذا التمثل قدام عنيك في الكنيسة! وفي الليتوروجيا المرآة للي بيحصل داخل النفس وخدمة المسيح لها وكرازته بنفسه للإنجيل داخلها، دلخل النفس كما داخل الكنيسة! … وفي ليتوروجيا والدة الإله أيقونة النفس وأيقونة الخليقة المتألهة وأيقونة الكنيسة في كليتها حينما تتشخصن وتتجسد قدامك … ربما الليتوروجية الكاملة هل كل هذه الليتوروجيات!! ولكني ما اقدرش على كدا …
الكنيسة تمثل النفس، وتمثل الخليقة ووالدة الإله، وتمثل المسيح والحقائق التي يحملها نور الكلمة!!! الحقائق العليا في الإيمان ومن ثمَّ في الوجود!! حقيقة الشخص كأيقونة للثالوث وللعالم المتأله، وحقيقة الافخارستيا كاعتماد أنطولوجي تام على الله كمعطي الحياة، كواهب وكاسر خبز الحياة! … ولكن السر الشخصي اللي بيكون حجر الأساس للعلاقة اللي هتكمل بيها معاك الليتوروجية حتى بعد انتهاءها (المنظور)، تنشأ عندما يخرج الكاهن من قدس الأقداس ليبخر لك، ليقدسك، ليعطيك حِل أن تحيا الله، وليأخذ منك الحِل ليكهن عنك ويقدمك لله!!! أي أبوة هذه؟!!
الأبوة تنشأ داخل الليتوروجيا وداخل قدس الكنيسة، والعلاقة الشخصية بين أبوك الروحي تنشأ قبل ما تعترف عنده وقبل ما يعرف اسمك حتى! … تنشأة الأبوة لما الكاهن يمثل لك المسيح ويخدم خلاصك قدام عينيك في الليتوروجيا كما يخدم لك المسيح خلاص نفسك وقواها، يحلك الكاهن من خطيتك أي يشفيها معك بالروح القدس، ويصبح أبوك وأيقونة المسيح لك ككاهن وخادم لخلاصك …
والناس اللي كانت السبب في المكتوب فوق دا اعتبر نفسي مدين لهم إن ماكانش بحياتي فبجزء جوهري منها ومن إيماني ومن أرثوذكسيتي، وياريت كلهم يقروا، خاصًة اللي فتح لنا أبواب الكنيسة وماحرمناش منها، واللي هو شريك لذلك الذي أعطانا الحياة منذ البدء، وأيقونته وكاهن على صورته مثاله.