في كتابه Elements of faith بيلخص خريستوس ياناراس التعبير عن الايمان بكونه علاقة ولقاء ، بعيد عن المفاهيم المجردة أو القانونية عن الايمان ، وبيركز علي الخبرة او التجربة كمدخل وجوهر للعلاقة دي
سواء كانت الخبرة مباشرة ، كحدث لقاء المسيح للقديس بولس في طريقه ل دمشق ، او غير مباشرة ، كإستعلاننا وانفتاحنا الشخصي علي الشهادة الحية للآباء القديسين مع الله ، اللي اختبروا الوجود في حضرته .. بكون قابليتنا للإنفتاح ده مدخل للإختبار الشخصي لينا ، لتلقي النور الإلهي اللي اختبره بولس علي مستوي القلب .. ولإكتشافنا لتجلي المسيح في الكنيسة كجسد شركة كوني هو رأسه ، وفي الخبرة الليتورجية .. في الاسرار ، وفي حياتنا اليومية ..
بيشوف الكاتب ان البعض يؤمن ليتمم واجباته الدينية والالتزام ده ممكن ينبع من خوف او رغبة لإرضاء إله غاضب ، هذا المطلق، الذي يحرك البحار ويطلق الزلازل علي رؤوسنا ، ويمحونا من امامه بالعواصف ، سواء اغضبناه ، او لم يكن مزاجه جيدا بالقدر الكافي لننجو منه ! العبادة هنا هي مخدر ، لطمآنة الإنسان واسقاط مخاوفه
البعض الآخر دافعه للإيمان هو البحث عن ارضاء عقلي ، اقتناع عقلي ، ما لا يقبله منطقه الخاص ليس بحقيقة
بيتجاوز ياناراس تعريف الإيمان كتأدية لطقوس دينية لإله بعيد ، او التعريف التاني للإيمان كقبول مجرد للعقائد او اقتناع عقلي بوجود منطقي بالله ، وبيرفض ثبات الإيمان في هذا المستوي اللي بيعاني من محدودية جوهرية .. لانه بيفصل بين الذات في معرفتها ، وبين موضوع معرفتها ،،
وكأن في عزلة مابين ذواتنا و شخص الإله الحي ، تجعله موضوع خارجي .. الاقتناع بوجوده من عدمه لا يضيف لحياتي شئ ..
هذا الاله الذي لا يختبر علي مستوي الحياة ،
علي مستوي العلاقة والشركة ، هو مجرد فكرة .. في هذه الدرجة المختزلة من الإيمان يفقد هذا الاله حيويته .
كمان بتتجاهل النظرة دي محدوديتها ، بكون العقل فيها هو الحاكم والمقياس بين الافكار عن الله ، بل وايضاً بتتجاهل الله بكونه سر ، يُستعلن لينا في شركة بكونه ، مصدر لحياتنا ووجودنا ، وكأصل ، نحن صورته ومخلوقين لنعرفه وننمو علي مثاله ، في مسيرة هي الزمن كله وما بعد الزمن (يو ٣:١٧)
بتتجاهل الله كشخص ندخل معه في علاقه ، كعلاقة الحب بين الاشخاص ، حيث المعرفة تنبع من بالمشاركة لا من التحليل .
علشان كدا البراهين الفلسفية او المنطقية والدفاعيات apologetics وحدها بدون الخبرة ، بتحول الله الي موضوع خارجي ، لا ينتمي اليّ ولا
انتمي له ..
” في النهاية ، ليس هذا هو الاسلوب الذي من خلاله نعرف الله ”
خريستوس ياناراس
خريستوس ياناراس بيقول :
“الإيمان المسيحي ليس موافقةً على معلوماتٍ عن الله، بل التصاقًا بشخصه الحي. هو ليس استنتاجًا فلسفيًا، بل استجابةً لدعوة حب. كالطفل الذي يثق بأمه لا لأنها أثبتت له وجودها، بل لأن حضنها هو بيته الآمن”.
لذلك بيعتبر ضمنياً ان التقليد اليهودي – المسيحي تجاوز هذه المستويات نحو الايمان كعلاقة ولقاء ، باستناد شعب بني اسرائيل في ايمانه بالله علي حدث ظهور الله لإبراهيم ،
باعتبارهم ان ايمانهم مبني علي إيمان ابراهيم ، هذا الرجل الذي اقام الله معه عهداً
هذا الاله الذي كلم ابراهيم شخصياً ودخل معه في عهد ، وكلم موسي قائلا انه هو إله ابراهيم واسحق ويعقوب هو إله شخصي ، يُخلي ذاته وينتسب لنا ، وينسبنا له ، كشعب ، وكأشخاص كل واحد بإسمه.
” أن تعرف الله ليس أن تُحصي صفاته، بل أن تُحبّه. والمعرفة الحقيقية هي التي تُولد في دهشة اللقاء، لا في جفاف التحليل”
في نهاية الفصل الأول بيقول ياناراس اننا بنقترب من الله / بمختبره ونعايشه علي مستوي الحياة .. مش علي مستوي الفكر المجرد .. وان اللقاء بالله في الحياة بيشمل كل خبرات النضج والنمو ..
وخبرة المعايشة دي بتتجلي كما في العلاقة بالأب والأم .. عندنا ايمان داخلي صامت بحقيقتهم وحضورهم .. بدون احتياج لنظريات تُبرهن وجودهم او دورهم في النمو الشخصي لينا ،
وفقط لما تختل العلاقة بيحاول العقل التعويض عن الايمان علي مستوي الحياة ده بالحجج النظرية ، بالايمان علي مستوي الفكر وحده وهي مسيرة نمو ، وتعثر ، اؤمن اننا بنتجاوزها في الكنيسة في شركة الجسد وفرحه بالمسيح كرأس وقيامة وحياة جديدة .